بغير المواجهة الحقة لن ترتدع إسرائيل
بقلم/ حمدي عبدالحافظ
إعتقد الكثيرون أن الهجوم الاستفزازي والغطرسة الإسرائيلية على أسطول قافلة الحرية لكسر الحصار المفروض على قطاع غزه هو القشة التي قسمت ظهر بعير !! أو أن فتيل الحرب قد اشتعلت بين تركيا وإسرائيل على أثر هذا التصعيد الخطير !! ولكن حقيقة الأمر أنها مسألة وقتية وسيعود الهدوء والاستقرار مرة أخرى انتظارا لعمل إجرامي إسرائيلي جديد بحق العرب والمسلمين، ترى بعدها الشجب والإدانة والاستنكار والمناوشات التي لا تسمن ولا تغنى من جوع مرة تلو الأخرى مادام الفيتو الأمريكي قابع على صدور من بمجلس الأمن، والأمم المتحدة ، ولطالما ظل الشارع العربي ممسكا بتلابيب اتفاقيات المراوغة والتسويف والأمل البائس بتحرك جماعي للأنظمة العربية الحاكمة والخانعة . وإنما قد تكون هذه المرة هي الأقوى لكون تركيا طرفاً فيها للعلاقات الثنائية بينها وبين إسرائيل ، ولقوتها ومكانتها الدولية أيضا . . لكنها لعبة المصالح التي تلعب دوراً في رسم السياسات للوصول إلى تحقيق الأهداف .. صحيح أن موقف تركيا كان مشرفاً ولقي تأييداً بالشارع العربي والإسلامي ، وتصريحات أوردغان رئيس وزرائها كانت الأقوى ، وإعلان مساندتها للقضية الفلسطينية لم يأت من فراغ بل بات أمراً حتمياً أرادت به تركيا الظهور على الساحة العربية والدولية من جديد بعد أن تبدد أملها في الانضمام للاتحاد الأوروبي كونها دولة في الأصل إسلامية . وأعتقد أن هذا الدور قد يحقق الهدف خاصة بعد إدانة إسرائيل بجرائم القتل والاعتداء على قافلة الحرية من ناحية وخلو الأنظمة العربية الخانعة والضعيفة من القائد الذي يعيد للأمة العربية والإسلامية معاً ريادتها وأمجادها على الساحتين بعد فقدان مصر صراحةً دورها الريادي بالمنطقة من ناحية أخرى بتخليها عن الثوابت والقضايا العربية والإسلامية حرصاً على الصداقة والدعم الأمريكي . كما أن انصياع السعودية أيضاً للمخططات الأمريكية جاء تأميناً لحماية مصالحها . ولعل الظروف والتحديات ووسائل ضغط اللوبي الصهيوني على الأقطار العربية والإسلامية لإرهابها قد ينشىء تحالفاً قوياً بين تركيا وإيران لقيادة الحركة السياسية بمنطقة الشرق الأوسط والتي مزقت روابطها الولايات المتحدة الأمريكية بعد تصنيف دولها إلى صنوف منها : ( دول معتدلة وصديقة وهى دول التطبيع مع إسرائيل والمناط لها تنفيذ السياسات والمخططات الصهيوأمريكية بالمنطقة لدعم إسرائيل ) و ( دول محايدة و لا يعنيها الأمر من قريب أو بعيد ) و ( المتشددون أمثال إيران وسوريا وحركات التحرر كحزب الله ، وحركة حماس ) .. لقد أثبتت المواقف والتحديات أن العرب والمسلمون في غيابة التيه ، وأن مخططات الماسونية العالمية وحلف بنى صهيون تقترب من تحقيق أهدافها بعد أن فشلت كل الجهود بإدانة إسرائيل بمجلس الأمن والأمم المتحدة عن التجاوزات الخطيرة والمجازر التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني ، وفى حربها على قطاع غزة وبجنوب لبنان من استخدام الأسلحة البيولوجية والحارقة والجرثومية والقنابل العنقودية والأسلحة الفتاكة المحرمة دولياً ، والقوة المفرطة لشعب أعزل، وحصار جائر لمليون ونصف المليون مسلم بغزة الجريحة ، وقد يكون الاعتداء على قافلة الحرية وقوافل الإغاثة التي تلتها، وغيرها من المواقف كتهويد القدس ، وانتهاكات المقدسات الدينية وطرد سكان القدس من بيوتهم وأراضيهم أكثر الأدلة تحقيقا للنوايا الخبيثة لدولة الاستيطان لمضيها قدما نحو الاقتراب من الحلم الأكبر بإقامة دولة إسرائيل الكبرى من النيل للفرات والغريب أن يتم ذلك على مسمع ومرآي من الجميع دون تحرك إيجابي واحد لموقف عربي وإسلامي موحد يعيد التوازن بالمنطقة . ورغم ذلك أيضا فإن الأمل معهود بتحرك شعبي عربي على المستوى الاقليمى للضغط على هذه الأنظمة لنصرة الدين والعودة إلى كتاب الله والعمل بتعاليمه . فكتاب الله وآياته هو الروشته الحقيقية لعودة العزة والكرامة المفقودة والنخوة للعرب والمسلمين.. إذ أن إسرائيل لن ترتدع إلا بالمواجهة والاعتصام بحبل الله تعالى لإرهابها ، ولن يضيع الله الحق أبداً.. ففي الاستبسال قوة وعزة وكرامة ، وفى الموت شهادة ونعيم وهذا هو الفوز العظيم.